الموضوع مضحك و مبكي .. الموضوع استحوذ على اهتمام البعض و سخرية الآخرين .. الموضوع ببساطة هو طرح السيد الوزير محمود محي الدين وزير الاستثمار المصري استجابة لنداء الرئيس و الهام داخلي بخصوص بمشاركة الشعب في أصول ممتلكاته .. قبل أن أعلق على الموضوع .. هذا تعريف بسيط بالأمر .. السيد الوزير طرح الفكرة الآتية: بيع قطاع الأعمال الحكومي المصري عن طريق توزيع صكوك ملكية للمواطنين المصريين يصبحوا بها الملاك الحقيقيون للشركات .. أما الحكومة فقسمت الشركات الي أربع فئات .. الأولي ستمتلك نسبة من الأسهم فوق 65% و هذا بالنسبة للمنتجات الاستراتيجية كالأسمنت و الحديد و الدواء .. الفئة الثانية ستمتلك الدولة منها نسبة لا تقل عن 51% و هي المنتجات الأقل استراتيجية مثل الصناعات التحويلية .. و الثالثة ستمتلك الدولة منها نسبة لا تقل عن 31% و هي القطاعات العادية الغير حساسة .. أما باقي النسبة فتذهب لنا نحن المواطنون .. قبل أن نصيح هأو و سلامات يا حكومة و نستدعي من الذاكرة فيلم هاني رمزي "عايز حقي" دعونا ندرك تفاصيل الموضوع .. الدولة منذ عام 1992 نهجت فكرة الخصخصة .. و حتي العام الماضي جنت حوالي خمسة مليارات من البيع .. السيد الوزير بدأت الفكرة تخبط رأسه منذ 2005 و هو يعمل بسرية و كتمان في دراسة الأمر مع لجنة مختصة .. الموضوع ده حصل في دول أخري فنجحت كسنغافورة و أخري ففشلت كروسيا .. الصكوك هي ما يطلق عليه أيضا محفظة مالية فيها أسهم متساوية لكل مواطن يحق له التجارة بها فيبيع منها ما أراد انشالله كلها أو يتاجر بها في البورصة .. و ملحوظة أخري .. القطاع العام تم تحويله الي لفظ قطاع الأعمال حتي يخفف من حدة الصدمة .. أما الأرقام فتتحدث هكذا : الصك قيمته تتراوح بين الربعمائة و الألفين جنيه .. عدد المواطنون المؤهل حصولهم على الصك هم فقط من تجاوز الواحد و العشرين عاما و تعدادهم 41 مليون بني آدم أما 10% من الأرباح فسيحتفظ بها في صندوق الأجيال القادمة و ذلك لمن لم يولد بعد أو لمن لم يتجاوز السن المقرر .. عدد الشركات في قطاع الأعمال حوالي 150 شركة .. عدد الشركات التي سوف تشارك في هذه الخطة حوالي 80 شركة .. الأسئلة كالآتي : هل ستكفي أصول 80 شركة لتوزع بالقسطاس على 41 مليون مواطن .. الأرقام تعود فتكشف عن أمر مريب : يقول الخبراء أن دخول 41 مليون مواطن الي سوق البورصة سيضخ سيولة بقدر عشرة مليارات جنيه و هو ضعف ما جنته الدولة منذ عام 92 حتي الآن .. أي انها خطة عبقرية لتعويض اللي فات .. نعود للأسئلة .. هل الحكومة تريد فعلا للمواطن أن يزيد انتماءه و حبه لوطنه فعكفت على طرح ما طرحت .. هأو .. دعونا نستعرض القطاعات الحكومية و مكاسبها .. أعلي شركة حكومية تحقق ربح هي شركات الألمنيوم حيث تحقق صافي 800 مليون سنويا و الثاني شركة الشرقية للدخان و تحقق 600 مليون سنويا ثم السكر و الكيماويات و تحقق 400 مليون جنيه .. المفاجأة : هذه الشركات لن تشارك في الفكرة .. اذا النية لادخال الشعب في ممتلكات الحكومة غير صادق .. سؤال آخر : بما أننا شعب يتمتع بنسبة بالغة الضخامة تحت خط الفقر أليس محتمل أن تهرع الفئات المعدمة من المصريين الي بيع صكوكها الي أول مشتري مصري كان أو اسرائيلي .. الاجابة وارد جدا .. اذا كيف نضمن أن النسب المتاحة للشعب لن تنتهي الي يد خبيثة تبيع و تشتري فينا .. يجيب الوزير بأن حدود الملكية تقف عند 5% و لكن جمال مبارك أعلن أن هناك رقابة و من سيمتلك نسبة أكثر من 10% من الاجمالي لابد أن يحصل على اذن .. ونحن نعلم جميعا كيف نعامل أي قانون خاصة لو صدر من جيمي .. سؤال آخر : هل الـ41 مليون هؤلاء يملكون أي ثقافة مالية تتيح لهم استخدام صحيح لما بين أيديهم .. أتت الاجابة في الحقيقة مقنعة .. اذ قيل أن مثال تكنولوجيا الاتصالات خير دليل على نجاح التوعية .. حيث يملك أكثر من عشرين مليون مواطن بين يديه و أصابعه تكنولجيا عالية جدا و مع ذلك يحسن استغلالها .. فلن يكون من الصعب أن نعلم أربعين مليون واحد كيف يتعاطون مع الأسواق المالية .. سؤال آخر : لما الراجل همه على الناس ألا يصح أن يعلن الأمر على الملأ ليناقشه الكل و يتداولوه .. هو مش يخصهم برضه؟ أم أن الحكومة تقرر ثم يعرض الأمر على المجلسين المحروقين على هيئة قانون من 17 مادة و طبعا الاستفتاء كلنا عارفين نتيجته .. ؟ .. سؤال : هل هذا معناه ان البلد حتتباع .. أكيد لأ .. البلد لا تتلخص في حاجة و تمانين شركة حتي لو حدث احتكار من قبل جهة واحدة .. ولكن الموضوع هو محض تلاعب بالعقول .. أشرح لك كيف : هذا القطاع العام هو أساسا ملك الناس .. و الدولة تديره بالنيابة عننا .. و عندما تحقق ربح فهو يعود على الموطنين على هيئة خدمات و ازدهار .. الموضوع الجديد يريد أن يمشي الأمور كما هي ولكن بورقة .. طب ايييه الفرق .. الفرق الجوهري هو ان امتلاك الشعب يسمح للقطاع أن يشتري .. اما في السابق فمن غير المعقول أن يشتري أحد قطاع الأعمال .. يعني في السابق الحكومة وحدها هي التي تقرر ان كان البيع مسموح و لا لأ .. أما الآن فنحن سنبيع بدافع الاحتياج و تيجي الحكومة تقول لنا ما انتو اللي بعتوا .. وهو أمر بالغ المكر .. سؤال أخير : هل من الأصول يا حكومة أن نفكر في بيع قطاع الأعمال بحجة زيادة انتماء المواطنين بينما أبسط الحقوق المدنية مصابة بالبيروقراطية و المواطن نفسه هذا يتمني مياه نظيفة و رغيف خبز سليم و متوفر و يريد صرف صحي آمن و هواء غير ملوث و خدمات طبية مستقرة و حقوق في الخارج ترعاه .. و اذا كان الرد : يا عم ده مجرد وزير استثمار و اللي انت بتقوله مالوش دخل بيه .. أسأل مجددا : هل الأصول يا وزير الاستثمار أن تهتم بهذا الأمر و واحد زي الوليد بن طلال يلتهم أراضي في توشكي معطلا الاستثمار فيها بدون أي سبب وجيه ولا هشام طلعت مصطفي الذي نهب أراضي مدينتي بما يعادل 400 مليون جنيه من الاستثمار و لم يدفع مليما ولا صفقة الغاز الاسرائيلي التي تخسر مصر يوميا 9 مليون جنيه من الاستثمار .. بقي دي أصول برضه؟