تحذير: هذه القصة الصغننة كتبتها في أجواء انتظاري لنتيجة سبتمبر بالكلية .. يعني قصة مش لطيفة
*
قبل أن التقط أنفاسي و أستعيد مجال بصري الذي انحشر في أديم الأسفلت .. تملكتني رغبة شديدة في النهوض و نهر الرجل و رميه بكل الشتائم التي حصلتها من طيلة مكوثي على نواصي الشوارع و كراسي المقاهي .. توجت عزيمتي بحركة من يدي أدفع بها الأرض لأقوم .. لم أتأثر بالخبطة على ما يبدو .. لا أشعر بألم و لم يتخلل رأسي أي صداع أو ما دون ذلك .. و لكني تمهلت في القيام للحذر ..
الشارع بدأ مروره يتعطل .. كلاكسات السيارات لا ترحم أذني الشاكية .. لا يري أي من السائقين المسجي على الأرض .. سأقوم .. و سأغلظ الرجل و أعنفه .. و لا أستبعد لطمه أو ضربه أو صفعه .. سأبدد كرامته .. و أنهي احترامه على يد قيضتي .. سيندم على أنه اصطدم بي .. سأضع حدا للكوسة التي سمحت له بنيل رخصة مرور .. قد اتصل بصديق له قريب يعمل وكيل نيابة .. سأذيقه بأسي بما فعل بي ..
الرجل ترجل من سيارته و ملامح الفزع تمرح في وجهه .. نعم نعم .. افزع و خاف .. قد يخفف هذا من تصرفاتي .. حاول أن تتفوه بكلمة لتدافع عن نفسك بها .. سأتذكرها و أندد بها .. الشارع بالفعل توقف .. و سيشاهد الكل صوتي الصادح عندما يعلو..
اقترب سائق الميكروباص الذي أثاره الانتظار في شارع رئيسي فهبط و سار يستطلع سبب توقف الطريق الذي يشتهي القيادة فيه بسرعة عالية و ظهر من خلفي شاب بيديه سيجارة في أولها أشعلها لعلمه بالأحداث التي ستطول .. و دنا منا بواب عمارة قريبة يتفحص السيارات و الناس الملمومة خشية أن يكون أحدهم من ساكني عمارته و ربض عند أول سيارتي طفلان يلوكون بأسنانهم ما غنموه من كشك قريب .. و بالصدفة توقفت بجانبنا شابة مظهرها مريب كانت تتابعها سيارة و آثرت الفرجة على الاستجابة لرزقها .. و من كافيه على ناصية الشارع التالي حضر رجل بملابس براقة تشي بدوره الاداري في الكافيه و لعله يتخوف على المشيشين تعكير صفو دخانهم ازاء الضوضاء التي استحدثتها .. و الكلاكسات لا ترحم أذني الشاكية ..
بدأت أستوضح مظهر الرجل الذي تسبب في القائي على الأرض ذات الزلط .. رجل أنيق .. بنطلون جبردين بيج .. و قميص أزرق مقلم أبيض بياقة مكوية بعناية .. و نظارة سميكة قليلا .. شعر لم تزايله الحناء .. بدين بغير افراط .. تبرز من جيب قميصه أقلام متعددة .. مازال مرتاعا .. ترتعش أصابعه فوق موبايله يحاول العثور على نمرة ما .. بدأت الكلاكسات تسكن .. و بدأت أذني تهدأ .. و حاولت استجماع توازني لأنهض من هذه الرقدة البغيضة .. لن تنسي خدوده الممتلئة شكل أصابعي..
دراجة انبرت من شارع جانبي قريب .. فتي يحمل ملابس داخل كيس و يمسك بشماعة تحمل فستانا أسودا مكيسا هو الآخر .. أجل الفتي مشاريع تسليم الملابس و استقر مع المتفرجين و سارع بسؤال عما حدث ..
طارق في الجيم .. سامي في المقهي .. عادل يعود من عمله الآن .. كريم منكب على شاشته المزودة بالنت فائق السرعة يبحر في صفحات النت .. محمود يشرب بيبسي عند كشكه المفضل مع سيجارة .. محمد ينتظرني عند مؤمن .. أحمد و رامي يشغلان فراغهما بالكروزة في سيارة أحمد .. أيمن منخرط في بولة استميشن .. أدهم يداعب ظهر فتاة ما في كافيه رخيص رغم أنف العاملين .. علاء يحرز أهدافا بتهديد جسمه المفتول في ملعب ما .. مصطفي يبتز صاحب عربة كبدة و يلتهم ما شاء عنوة .. أمير يعبق رئتيه بجوان حشيش .. صابر يجهد عقله في كورس أوفيس في سنتر قريب .. رضا يرطن الألمانية في سنتر قريب أيضا .. الجميع على أهبة الاستعداد للترخيم على خلق الله ..
توازني مفقود .. و يدي التي ظننت أنها كل ما أحتاج لأنهض تعبت .. وبدأ ألم من بعيد يزحف على فخذي ..
علاء ابن عمه وكيل نيابة .. رامي ابن خاله صديق حميم لأمين شرطة .. كريم أخوه وكيل نيابة مرورية .. أدهم أخوه الأكبر بلطجي عتيد .. رضا ينحد من عائلة كلها تملك سيارات ذات ألواح خضراء .. صابر معه جنسية أمريكية .. أيمن شاب لين لن يقدم أو يؤخر ..
الواطي الذي أرداني أرضا عليه أن يتحلل من أي ارتباط اليوم .. حتي نستقر على طريقة لاهانته كما ينبغي ..
أصحاب المحلات القريبة انسلوا من فاتريناتهم و خلفوا زبائن سرعان ما شاركوهم الوقفة الي جانبنا .. محل كاوتش سيارات و معرض سيراميك و محل بقالة و فرع لاحدي البنوك و فطاطري ..
يدي بدأت تسخن و الزلط بدأ يدفع الجلد .. حررت قبضتي من الأرض .. و استندت بذراعي .. فانخفضت أكثر .. و الرجل الأنيق بدأ يلهث صوته في موبايله مستغيثا .. الصداع نزل برأسي .. و النمل بدأ يذرع قدمي جيئة و ذهابا .. تحسست جيبي الأيمن بساعدي الكليل .. اتصلت بمحمود .. وجدت صعوبة بالغة في اخراج صوتي .. انقطع أول اتصال دون أن أنطق حرفا .. ثقلت رأسي .. و الغضب بداخلي يشتد و الحنق يتصاعد تجاه الواطي الذي تسبب في هذا كله ..
اتصل محمود ليستفهم عن سكوتي الغامض .. أغمضت عيني و ركزت كل ما أملك من طاقة لأخبره عن مكاني و موقفي .. شتم و توعد و حلف ليأتي بكل من يقابله في الطريق .. هو الأسرع لأنه يملك موتوسيكل ..
أول خيوط الحكاية سأل عنها البواب المعمم .. توجه الي الرجل الأنيق و
"ايه اللي حصل"
"فتح الباب فجأة و نزل .. ملحقتش أفرمل .. ده شارع عمومي"
لا تحاول التبرير يا واطي .. تمنيت لو جهرت بها و شق صوتي العمائر السكنية المحيطة لتخرج من النوافذ الرؤوس لتشهد على ما سيحل على الواطي
ازداد المارة و معهم لغطهم و همساتهم .. أذني صارت تنجرح من أقل صوت .. بدلت ذراعي بساعدي لأن الزلط انغرز فيهم .. قمت مجددا بمحاولة للنهوض .. أخفقت مجددا .. اندفع الشاب المدخن ليعاونني على القيام .. بصقت ناحيته .. فتراجع مستهزئا .. البواب الآن ينثر ما سمعه لأذن بجانبه للتولي الألسن مداولة الحكاية .. سائق الميكروباص اقترب مني و سأل عما يؤلمني .. تمتمت بعبارات غير مفهومة قصدت بها شتمه و الواطي .. شعرت بأنسجة رجلي و كأنها تحترق .. و كون المارة المزدحمين من حولي غمامة ظل أرقد بداخلها .. و أفواههم التي تتنبأ و تخمن تؤلم أذني الشاكية ..
حضر من بعيد رجل آخر أنيق وقف بمحاذاة الواطي .. تبادلا كلمتان قصيرتان ثم هم بمساعدتي على الوقوف .. رميته بنظرة غضبي .. و لساني الذي ارتخي داخل فمي خذلني في شتمه .. رأسي يدور .. و أذناي تصفران و رجلي تدور فيها معركة بالسيوف ..
أزيز الموتوسيكل يعلو شيئا فشيئا .. حتي وصل الي جانبي .. تذكرت أن السيارة بابها مفتوح .. و أن نظري لا يصل اليها .. بداخلها اللاب توب .. هبط محمود و وضع يده على كتفي و سألني أين هو .. أشرت بعيني التي تكافح الاغماض .. هش بيده من حوله حتي مثل أمام الأنيق و استفتح بشخرة عقدت الألسن .. تلا على الأنيقين سيل من الشتائم الممتزجة بالوعيد و الهلاك .. لم ينطقا .. الأنيق الثاني سحب موبايله من جيبه و ابتعد متصلا .. محمود اتصل هو الآخر بكل الآخرين و فمه لا ينقطع عن السباب ..
رجلي استعارت من الجحيم اللهيب و أذني من الرياح صفيرها
تدخل البواب لتهدئة محمود .. شوح بيده مهددا و رماه بألفاظ أسكتته .. خرجت الرؤوس من النوافذ المحيطة .. و ازداد المارة .. و حاول سائق الميكروباص أن يلفت نظر محمود الي رقدتي و اعيائي .. دفعه محمود بقوة و تعامل صباعه الأوسط معه فسكت ..
محمود يهتف في موبايله .. الأنيق الثاني يتكلم في هدوء من موبايله .. المكوجي ينظر للساعة و ينصرف و دراجته .. رجلان يقفان مع البواب يحكي لهما عما حدث .. الفتاة تتابع في هدوء .. الرجل ذو الملابس البراقة يتوجه للأنيق و يتحادثان .. رجلي تشوي على نار غير مرئية .. و أذني تشيع في رأسي صفير لا متناهي ..
وصل الأصدقاء .. لم أتبين على وجه الدقة من جاء و من لم يأت .. و لكنهم وفرة .. عاد الأنيق الثاني الي دائرة الحادث و معه الرجل البراق .. على مسافة قريبة .. سنتر ثانوية عامة فرغ لتوه من درس ما .. فانسل من بابه عدد غفير من الشباب .. حثوا خطاهم الي دائرتنا .. جمع من الصبية و الصبايا .. مد أحد أصدقائي يده داخل سيارتي و جذب عصا الكوريك من أسفل و ركض الي الأنيق الأول .. حبس الكل أنفاسه .. على مبعدة شباب من عمارة سكنية هبطوا لينضموا الي دائرتنا .. رجلي سيطر عليها وهن .. و أذني احتلتها أصوات حادة .. عيني التي تحاول أن تستسلم لمحت العصا تهبط على رأس الأنيق الأول .. تشتت الجمع .. فوضي عارمة .. جري البعض فوقي .. و أنات الألم لا تصل الي حلقي .. البنات صرخن .. الفتاة تبسمت .. البواب ذهب يجلب عصا مقشة .. الرجل البراق هم باللوذ بالكافيه .. سائق الميكروباص يحاول ابعاد صديقي عن مرمي الأنيق .. الأنيق الآخر غرق في ذهوله .. يبدو أن المكوجي لم يبتعد اذ عاد ليقف على مقربة من الرأس الدامية .. شباب الثانوية العامة ألقوا سجائرهم أرضا و فروا عائدين الي السنتر .. كل من ترجل عن سيارته عاد اليها و اهتدي العقل الجمعي الي الرجوع و الانصراف عن الشارع برمته .. أسقط أحد اصدقائي الأنيقين .. نطوا فوقهما .. عملت الأيدي ذات الخواتم و العارية في الوجوه .. الصوات يتطاير من النوافذ .. البواب هوي بعصا المقشة فوق أحد اللاكمين .. باغته صديق آخر من الخلف .. رجلي تتداعي أنسجتها و رأسي باتت خلية نحل ..
بسرعة خلا الشارع الا منا .. و بسرعة أيضا ظهر ميكروباص نزل منه شباب ما ان رأو الأنيقين ممدين تكال اليهم الضربات حتي لمعت أنصالهم متفاوتة الأحجام و امتلأ الأفق بالأحزمة .. سقط قلبي في صدري .. بعض الأصدقاء هربوا بسياراتهم أو هرولة .. الشباب تناولوا أصدقائي و لعبت الأنصال في وجوههم .. استحالت وجوههم خطوط حمراء قانية .. حاولت الكلام .. فتحت فمي .. راق لحمامة طائرة أن تشخ فسقطت شختها داخل فمي .. استنفر حلقي و لم يجد فكاكا من ابتلاع ما دهمها .. حاولت الصراخ .. لم أستطع .. شعرت بطعم مالح مقزز في معدتي .. تقيأت ما في بطني .. صوات نساء اختلط بصياح أصدقائي .. الزلط شقق ساعدي .. لم أعد أشعر برجلي و أذني بداخلها زفة مدوية .. الواطي سيشمت في ..
*
لمن قرأ و لم يستمع للتحذير .. أقول معلش .. حالتي النفسوية كانت مش ولا بد
بس على فكرة .. الحمد لله نجحت
اللهم دمها نعمة و احفظها من الزوال