أستعير كلام كثير أسمعه و أكتبه هنا .. أكرره على نفسي لكي أتذكر
*
جاء رمضان هذا العام 2009 .. كما يجيئ كل عام .. و أسأل نفسي لماذا رمضان .. لماذا تزدحم المساجد و يسود الأجواء مناخ روحاني حتي اني أكاد ألمسه في الهواء من حولي .. لماذا الاقبال الشديد على الخير في رمضان .. اراجع ما أعرفه من الكتب و أسمعه في المساجد و يردده الناس و يفعله .. أجد أن رمضان رغم تكراره كل عام عظيم جدا .. فلقد خلق الله الخلق و فضل ابن آدم .. و خلق الله الأنبياء و أرسلهم بصحف مقدسة .. وفضل محمد عليه الصلاة و السلام و القرآن فكرم مقام النبي و حفظ القرآن من كل تحريف .. خلق الله اثني عشر شهرا .. و فضل رمضان فأنزل فيه القرآن .. و خلق الله الليل و النهار و فضل الليل فهو سبحانه و تعالي يتنزل فيه كل ليلة في آخر ثلث ليستجيب من الناس .. و خلق الله الليالي كلها و فضل ليلة القدر الذي لها أجر ألف شهر .. و فرض الله على الناس شتي الفرائض و فضل الصيام .. فيقول في حديث قدسي ما معناه "كل عمل ابن آدم له الا الصيام فهو لي" .. اذن فنحن مفضلين برسول مفضل و الكتاب المفضل في الليالي المفضلة في الشهر المفضل في العبادة المفضلة .. هذا خير كثير لا يستوعبه العقل .. غير ان هناك أشياء لا نراها تحدث عند رمضان .. كسلسلة الشياطين و اغلاق ابواب جهنم و انفتاح ابواب الجنة و الاسماء التي تفوز بالعتق من النار .. كل هذا يجعل لرمضان طابع سماوي خاص .. أما الطابع الأرضي الذي يتبدي أمامنا من اقبال على العبادة و الخير فأعتقد ان هذا من حسن حظنا أهل مصر .. لأن رمضان بخيره السماوي الرهيب يهل على دول أخري فلا تجد اي فرق من حولك كما هو عندنا .. اذن فنحن ايضا مفضلين اننا في بلد يعتد برمضان .. تري فيه موائد الرحمن منصوبة و حصر المساجد تملأ الشوارع و أصوات ترتيل التراويح تتعالي و دموع المتهجدين ترقرق الأفق و الأيادي التي تدفع حبات التمر المكيس الي المارة و السائقين و الخير المنتشر في السر و العلانية .. كل هذا التفضيل هو كرم من ربنا عظيم .. اضافة الي ان ربنا قد بلغنا نحن هذا الشهر هذا العام .. فمثلا الأجداد قد ماتوا و هناك من مات قبل الشهر و لم يحضر هذه الفرصة المتجددة .. اذا هذا تفضيل اضافي مخصص لنا .. لأن رمضان بطابعه السماوي و الارضي باقي ولكن نحن من نذهب .. هذه اذا فرصة لنا نحن بالاخص .. و لا نعلم ان كنا سنعيش لرمضان القادم أم لا .. بل لا يقين اننا سنحيا رمضان هذا العام كله اصلا .. هي فرصة هائلة .. فهمها الصحابة أصح الفهم فكانوا يدعون الله ان يبلغهم رمضان قبل 6 أشهر من بدايته ..دعاء لمدة 6 شهور متواصلة .. رمضان ثوابه كثيييير جدا .. السنة بفرض و الفرض بسبعين الي آخر ما نعلمه جميعا .. وهذا يضعنا في فرصة شديدة الجمال .. هناك خير يجب ان نتحصل عليه .. لا يجب ان يفوت هذا الشهر الجبار بدون ان نفوز بخيره .. فمن يحرم خير رمضان فقد حرم من ثواب عظيم .. و قد جاء في القرآن ان الصيام كتب علينا كما كتب على الذين من قبلنا "لعلكم تتقون" .. التقوي هي الهدف من وراء هذا كله .. الفرصة في رمضان بالاخلاص .. ان اخلص النية لله عز و جل و أصدقه .. لكي أتحصل على التقوي .. فأخرج من رمضان و معي التقوي .. ان النبي محمد صلي الله عليه و سلم نفسه لم يحضر الا 23 رمضان حيث أتته النبوة وهو في الاربعين و مات في عمر 63 .. و نحن كم رمضان مر بنا .. هل خرجنا من رمضان و قد استفدنا من خيره ؟ .. ان رمضان فرصة لكي نقوم النفس .. النفس التي تلخبطت في فهم ما يريحها .. و تاهت في دروب الحياة و ظنت ان هذا المسلك او ذاك يجعلها هانئة .. لابد أن أربي نفسي في هذا الشهر .. القرآن هو الملاذ الوحيد لراحة النفس .. لابد ان ينغمس قلبي في الروحانيات .. القلب الذي هو محل نظر الله لنا .. فالله لا ينظر الي صورنا ولا أجسادنا و لكن ينظر الي قلوبنا .. فلو اطلع على الخير .. الله أكبر .. كغانية بني اسرائيل التي سقت كلب فاطلع الله على قلبها فأدخلها الجنة .. ان الانسان كما تقول الاحاديث لا يدخل الجنة بعمله .. فلا الصلاة و الصيام و لا القرآن و لا أي شئ .. انما رحمة الله علينا .. نحن بحاجة الي رحمة الله .. و اخلاص العمل له .. فالانسان ان ملك الدنيا و ما عليها فلن يكون سعيد و لن يضمن آخرته بلا حب الله له .. اما لو كان الانسان معه الايمان و ليس معه اي شئ من هذه الدنيا .. فهو سعيد في الدارين ..و الايمان كما جاء في الحديث "ما وقر في القلب و صدق عليه العمل" الايمان اذا نزل بالقلب يأتي معه العمل الصالح .. اللهم اصلح لنا قلوبنا و أعنا على أنفسنا .. رمضان مكافأة لنا .. " من صام رمضان ايمانا و احتسابا .. غفر له ما تقدم من ذنبه" و في حديث آخر " من قام رمضان ايمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" أو كما قال النبي صلي الله عليه و سلم .. هذا هو شأن الله معنا .. ثلاثين يوم من الصوم و قيام الليل .. شريطة الاحتساب .. اي ننوي ان هذا العمل لم نكن لنعمله ابدا الا لأن الله أمرنا به و ان نوقن بأننا عندما نعمله لن نأخذ اي ثواب الا من الله فقط .. هذا شأن الله معنا .. عبادات ييسرها الله لنا مقابلها ثوااااب كبيييييييير .. هذا إلهنا .. سبحانه الكريم .. هو في غني عنا .. و نحن بدونه لا شئ .. الهنا القدير و لا قدير الا هو .. يسمع كل الناس في نفس الوقت .. و نحن اذا تكلم امامنا اثنان تختلط الاصوات .. وهو يسمع للناس كلها في كل الارض في نفس الوقت يستوي عنده الهمس و الصياح و الكلام العادي .. و لا يختلط صوت على صوت .. يعلم حتي ما في نفوسنا من غير ان نقوله .. سبحانه سبحانه .. قلوبنا بين اصابعه .. يقلبها كيف يشاء .. فاللهم ثبت قلوبنا على دينك .. و لا تجعل مصيبتنا في ديننا أبدا .. و لرمضان شأن خاص مع القرآن .. فقد روي أن العلماء قديما كالامام مالك و غيره كانوا ينصرفون عن دروس العلم و يكبون على القرآن .. فمنهم من كان يختم في الشهر ثلاث و منهم من كان يختم في الشهر ستون مرة .. و هناك دروس في رمضان لابد ان نعيها .. كالتراويح .. التي لم تكن عبادة على الشكل الذي نحن عليه أيام النبي صلي الله عليه و سلم .. فقد كان قيام الليل على أيام الصحابة جهد فردي .. و بعد موت النبي محمد صلي الله عليه و سلم رغب سيدنا عمر في تجميع الناس .. أن يجمع الأمة في هذه الصلاة .. و ليصلي بعد ذلك كل بمفرده .. و لكن هم الصحابي الجليل عمر رضي الله عنه أن تجتمع الأمة و أن لا تتفرق حتي في العبادة .. و من أجل صدق نيته صار المسلمون في كل العالم يصلون التراويح مجتمعين .. و درس آخر يؤكد الأول .. ليلة القدر التي هي أهم ليلة في كل الليالي .. كانت معروفة .. عرفها النبي ذات مرة و أراد أن يخرج ليعلنها لأصحابه .. ليقول لهم ليلة القدر ليلة كذا .. حتي نتجهز و نتحضر و نغنم ثوابها .. ولكنه عندما خرج ليقولها اختلف صحابيين و في رواية تناحرا .. يعني حدث ما يشبه الجدال او المشاداة الكلامية .. فرفعت المعرفة بليلة القدر و نسيها النبي .. و كل ما نعرفه أنها تلتمس في الليالي الوترية من العشر الاواخر وفي رواية اخري ليلة من العشر الاواخر .. هذين درسين مهمين جدا احب ان اذكر بهما نفسي .. من اراد اجتماع الامة فله الثواب و الله يساعده .. اما من اراد اختلاف الامة فالله يمنع عنه الخير و يحجبه حتي يوم القيامة .. رمضان لابد ان يكسبنا عادات تبقي معنا العام كله .. فالقيام يستمر و القراءة تستمر و الصلوات الجامعة تستمر و صيام السنن بعد ذلك يستمر .. اللهم اعطنا القدرة على طاعتك و تقبل منا
*
و رمضان كريم
تقبل الله منا ومنكم